حُبٌ أَبْتَر ..

20582385_1865307690456422_3472611393893564416_n.jpg

 

”  أغفري لي
خَطيئتي وذنبي
ومسافاتي والانتظار
وحبي وجنوني
وكيف أحببتُكِ ..!
قبل الأوان ..

 

في تلك المدينة الصغيرة التي تبعدُ عني مسافات ، ومن بين أزِقَّتِها ترسب حبٌ على جُدُرانِها ، وتنهِدات تلك الأنثى ، التي أرهقها الانتظار ..
وبُعدُ المسافات ، ورحلُ ذلك العاشق ، الذي عَشقها حد الجنون ،واللانهائيات ، وأختفى عنوه ..

قبل ساعه من وصولِ القطار، أغلق إيثان كتابه ونظر إلى النافذة ، يراقبُ الطريق وفي عقله فقط ان يكتب روايته ولم يكن يدرك ماذا ينتظره ..!
و مالذي سيقلبُ كيانه ، ويعود أدراجه مُحملاً برسائل الحنين ..

وفي الجهة المقابلة، كانت كادي تبيعُ الورد وعُمرُها برائحةِ الزهور لا تعرف ما هو الحب ..!
وكيف يكون ..!

وصل القطار ، وأنتثر الناس في أرجاءِ المحطة ، ما بين مشتاق ومهموم ..
وعند نزولِ إيثان كانت أمامه ،تلعبُ بجدائِلها ،وكانت نظره عابره ، لا يُدرك أن خلفَ تلك النظرة قصه ..
مرَّ بِجانِبها ..
– فـ نطق صوتُها أتشتري الورد ..!
لـ أحبابك ..
لـ أصحابك ..
لـ حبيبتُك ..
– – أبتسم وقال أنني هُنا بـ لا أحد مما ذكرتيه ..
ربما أبتاعُ منكِ ذات يوم ..
ورحل ..!

كان يتردد على المدينة ..
بين شوارعها ومقاهيها ..
والتقيا صُدفه ..
كـ أنها النظرة الأولى ..
لكن في زاويه آخري ..

– أتشتري الورد ..!
— هذه المرة سـ أشتري منكِ ..
– أشكرك ..
— واخذ يهمهم لمن أعطيها ..! وعيناه للسماء ..
– ………
— خذي ثمنُها وضعيها بين خُصلاتِ شَعْرُكِ .. فـ مكانُها هنا أجمل …

تنظُرُ إليه بخجل ..
وكانت شراره البداية للنهاية ..
قال لها بعفويه .. وتقبلتها ببراءة..

وتوالت الأيام ..
وفي يومٍ ماطر .. كان إيثان خارجاً من ذلك المقهى ..
عائداً إلى داره ..
وأشتد المطر ..
فـ أنزوى على احد الجسور مختبأً ..
وفجأةً ..
اِصطَدَمَ به شخص هاربٌ أيضاً من شدةِ المطر ..
واذا بها هي من اِصطَدَم به ..
والتقت الأَعْينُ عن قرب ..
وخفق ما بين الأضلع ..

— فـ ابتسم وقال هوني عليكِ ..
– أسفه .. لم أراكَ من شدة المطر ..
— لا بأس ؛ خذي هذا المنديل وأمسحي البلل ..
– أشكرك ..

كانت تقف بجانبه … وأوصالُها ترتجف ..
نظر إليها .. وخلع معطفه وغطاها ..
— سيحميكِ من نفحاتِ البرد فـ ملابسُكِ مبلله ..

نظرت إليه بـ ابتسامه ..
وساد الصمتُ المكان ..

” أتسمعُ ذلك الصوت ..
أنهُ ليس بـ مطر ..
ولا رعدٍ ..
أنهُ بركانٌ قد أنفجر ..
دوى صوتُه ..
في القلب ..
وأنهمر ..

— بالمناسبة ما أسمُكِ ..!؟
– اسمي كادي وأنت ..!؟
— أنا إيثان وقادمٌ من العاصمة .. سررتُ بمعرفَتُكِ ..
– وأنا كذلك ..
— المطرُ شديد اليوم وبعد بُرهه سيحلُ الظلام ..
– ماذا تعملُ هنا ..!
— أنا كاتبٌ وأتيتُ إلى هنا للترويح واكتبُ روايتي ..
– جميلٌ جداً بالتوفيق ..
— وأنتِ ..!
– أنا أقطنُ هنا والدي يعملُ حارساً في مصنع النسيج وانا انهيتُ دراستي واساعدُ والدي ببيع الورود ..
— رائع ..

بدأ المطرُ يقل … وقال لها هيا بنا نعود قبل ان يشتد المطر مرةٍ آخرى ..

خرجا من انزوائِهما واخذ يسيران معاً الى ان افترق الطريقُ وودعا بعضهما ..

وفي الغد ..
أتت إليه حامِلةٌ معطفه في المقهى ..
وتشكرت منه وتعذرت بنسيانِها ..

وبادرها .. بـ لا بأس ودعاها لاحتساء كوبٍ من القهوة ..

فتعذرت وانصرفت ..

ولم تلبث إلا وكوب القهوة أمامُها ..
وجلس بجانِبها على الرصيف ..
وتبادلا اطراف الحديث ..
الى ان حل المساء ..
وعادا كما الامس إلى مفترق الطريق وودعا بعضهما ..
وأستمر الحال لفتره من الزمن ..
يجلسُ بجانِبها يكتبُ أحياناً ويتبادلان الحديثُ أحياناً ..
ينظرُ إليها ؛ وتنظرُ إليه ؛ كلٍ منهم ينظرُ للآخر خلسه ..

خالطهم الحب ..
والشوق ..
والفقد ..
والانتظار ..
كانت ملامِحُها تزداد ..
وكلما ألتقيا ازدادت الأشواق ..
أحبا بعضهما ..
وسكنْ بهم ..

وفي يوم أتى قائلاً ..
— غداً سوف أعود للعاصمة حتي اقوم بطباعه روايتي ونشرها ..
– هل ستتأخر ..
— لا سوف أعود إليكِ مشتاقاً ..
– أرجوك لا تغيبُ كثيراً ..
— سوف أعود أعدُك ..
وأعطاها رسالته ورحل..

” وكيف لا تعلمين وأنا منكِ قريب ..
لـ لمعان عيّناكِ سحرٌ ..
أخذني للبعيد ..
حيثُ أولِ لقاء ..
ولم أُغادِرُها بعيداً عن روحكِ ..

مَرَّ شهرٌ … وشهرين … وثلاثه …….
والانتظارُ يزداد ..
لا رسائلُ منه ..
ولا أخبار ..
أزداد قلقُها ..
وفقدت الأمل ..
وأنكسر كلُ ما بها ..
قلبُها الذي أحب بطهارة ..
و بـ نقاء ..

 

وفي الطرف الأخر قبل كُلِ هذه الأحداث ..
وعندما أتم إيثان ما اراد ..
تبضع بعض الهدايا لأجل كادي حبيبته وعشيقته وقلبه …

” أكتبُ لكِ ..
من بين حروفي ..
كم أُحِبُكِ ، وأعشٌقُكِ ..
أُحِبُ طهارة قلبُكِ ..
وحنان روحُكِ ..
أحبُ حروفُكِ عندما تُخالط حروفي ..

أكتبُ لكِ ..
وأعلم أن الخوفَ يتجسدُني ..
وأكتب ..
لـ أرسمُ ابتسامه تعلو شفتيك ..
واكتبُ لكِ رغم خوفي ..
حبي ..
وحروفي تكتبُكِ ..
أنتِ حبيبتي ..

كان عائداً إلى بيته فرحاً بـ أن غداً سيتجددُ اللقاء ..
دَويّ سيارة الإسعاف يَجوبُ الطُرُقات ..
وقطراتُ الدِماء هُنا وهُناك ..
أُصيبَ بحادثٍ على أثره أصيب بـ شلل أفقدهُ السير …

طال مرضه ، وازداد لـ أجلها لـ حبيبته الذي وعدها بالعودة ،فـ قد فُقِد منه عنوانها ،
يشعرُ بها ، بـ أنها تنتظره ويبكي بـ مرارةٍ ولا يستطع ان يصلَ اليها …
ينظر إلى رسائل الحنين في صدره ولا يستطيع ان يرسلَ لها ويبوح بها وبما فيه من ألم الفراق والفقد وما جعله يخلف وعده بالعودة ….

” لم تكن مختلفه عن غيرِها ..
سوى أنها أنثى نقيه ..
تكتبُ من الحرفِ حنينٌ ..
ومن عيناها شوقٌ ..
ومن صوتِها صَبابَةٌ ..
أقول لها ..
كوني كما أنتِ ..
مُزهِره ..
كـ الأوركيد وأجمل ..

 

” وكيف أنظر إلى عيناكِ ..
ولا أكتِبُها ..
وكيف أسمعُ إلى صوتُكِ ..
ولا أغنيها ..
يا لحناً يأخُذني ..
ويا شغباً أتلذذ بهِ ..
وأكتبُكِ أنتِ ..
رسالتي ..
وجنون حروفي ..

 

وبعد سنين بعدما ان تماثل جزءٌ منه بالشفاء رحل إليها ..
ألتقى بها ، فقد تزوجت وأكبر أبنائِها بـ أسمه ..
عاد والحُزنُ والحبُ أضناه ..
وكانت آخر رسائله التي كتبها قبل رحيله ..

” إلهي أشكو إليكِ ..
مراره قلبٍ ..
في هوى أنثى أحببتُها ..
أحببتُها وقلبي من الحبِ خائفٌ ..
كُنتُ أرجي قُربُها ..
وأصبح قُربُها مني بعيدُ ..
حَجَراتٌ في طريق وصالِها ..
سَدْت كُل السُبُلِ والنحيبُ ..
آه يا قلبٍ كم بكا ..
لها ..
خوفاً عليها والمرتجى ..
والدمعُ بَلَ ما حولها ..
أتأسفُ راجياً ..
لأني أحببتُها ..
وكُل الطُرقِ أُغلقت لـ وصالِها ..

Mishal

 

19 Comments on “حُبٌ أَبْتَر ..

  1. قصة جميلة وحزينة بنفس الوقت ابدعت يامشعل استمر في الكتابة ولا تنقطع

    اسعد الله قلبك.

    • سررتُ بحروفكِ وتواجدكِ ،،
      والابداع منكم وإليكم ، وبإذن الله القادم اجمل ،،

      دمتِ بخير وأسعد الله قلبكِ ،،،،

  2. لا أعرف من أين أبدأ و من أين أنتهي ، حقاً أخ مشعل أبدعت وليست كلمة إبداع توفي حق ما كتبته ، أسرني كل حرفٍ كتبته ،
    ما شاءالله عليك رااااائعه ✨💕
    إسمح لي بأن أحتفظ بها و بجمالها في رف من رفوف عالمي و كتبي ،،
    أشتقنا كثيراً لخيالك و لحروفك ،، ✨🌷
    أدام الله قلمك ، ودمت لنا بخير ..

    • اسعدني انها نالت اعجابكِ ،، وتسعدني دائماً تعليقاتكِ لـ حروفي المتواضعة ،،
      احتفظي بها لكِ ذلك 🌷 ،،،

      الخيال بالكتابة لابد منه وان تعلمين ذلك وسِرُه ،،، وأدام لنا قلمكِ الرائع أيضاً فـ منه ما يلهمني ،،

      دمتِ بخير وصباحكِ سعادة ،،،،🌷

    • رائعة جداً لامست قلبي كثيراً
      أبدعت جداً

      • اسعدني اعجابكِ ومروركِ ،

        والمهم ان القصة تصل لكم وتلامس قلوبكم ..

        دمتِ بخير وسعادة ….

  3. كم انت مبدع قصه جميله و الأسلوب و الكلمات و المعاني في غايه الروعة

  4. “أنني هُنا بـ لا أحد مما ذكرتيه”
    استوقفتني بدايةُ اللقاء
    ): وآلمتني نهايته

    بُورك بحرفك وشعورك مشعل بحق

  5. الله ي مشعل حقاً دائماً تبهرني ماشاء الله تبارك الله الشعر الاخير جدا لامسني
    الله يوفقك..وإلى الامام

  6. أسعدني اعجابكِ ومروكِ وسعادتي ..

    واعتذر لـ تأخري بالرد فقد كان معلقاً ولم يظهر لي …

    دمتِ بخير وسعادة ….

اترك رداً على bushrabdalaziz إلغاء الرد